وضع مكتب مجلس الأمة جلسات المجلس القادمة على هاوية إبطال قراراتها بعد أن حدد منفردا مواعيد جلساته لشهر يوليو الجاري دون موافقة الأعضاء في نهاية الجلسة وقبل رفعها، فقرار المكتب كما صدر في الموقع الرسمي، وأعادت الأمانة العامة نشره في حساباتها بمواقع التواصل الاجتماعي، خالف القواعد المنظمة في لائحة مجلس الأمة لمواعيد الجلسات.
فحدد مكتب المجلس – بناء على اقتراح من الأمانة العامة – موعد الجلسة العادية القادمة يومي الثلاثاء والأربعاء بتاريخ ١١ و١٢ من الشهر الجاري، والجلسة العادية التي تليها يومي ٢٥ و٢٦ من الشهر ذاته، واعتبر جلسات الخميس الموافق ١٣ والثلاثاء ١٨ والخميس الموافق ٢٧ من شهر يوليو جلسات خاصة.
وتنص المادة ٦٦ من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، وهي مادة منسوخه من المادة ٩٠ من الدستور، على ” كل اجتماع يعقده المجلس في غير الزمان والمكان المقررين لاجتماعه يكون باطلا وتبطل بحكم القانون القرارات التي تصدر فيه”، كما تنص المادة ٧١ من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة على “يجتمع المجلس جلسة عادية يومي الثلاثاء والأربعاء مرة كل أسبوعين وتعتبر جلسة يوم الأربعاء امتداداً لجلسة يوم الثلاثاء السابقة عليه، ما لم يقرر المجلس غير ذلك أو لم تكن هنالك أعمال تقتضي الاجتماع”.
وبالعودة إلى سياق الأحداث، ففي الجلسة الافتتاحية للفصل التشريعي السابع عشر – دور الانعقاد الأول، أعلن رئيس المجلس السيد أحمد السعدون في نهايتها أن الجلسة القادمة يومي الثلاثاء والأربعاء الموافقين ٤ و٥ يوليو من الشهر الجاري دون اعتراض من المجلس أو تقديم طلب لتغيير الزمان، إلا أن مكتب المجلس ألغى الجلسة دون أن يقرر المجلس ذلك كما نصت عليه اللائحة، وهذه تعتبر أول مخالفة دستورية وقانونية ارتكبها مكتب المجلس مالم يصدر توضيحا بشأن السند القانوني لقراره بالإلغاء.
وبحسب اللائحة التي قررت عقد الجلسات مرة كل أسبوعين، فإن الموعد القادم للجلسة العادية – بعد إلغاء جلستي ٤ و ٥ يوليو – يصادف يومي ١٨ و١٩ يوليو، إلا أن مكتب المجلس اعتبر جلسة الثلاثاء ١٨ يوليو جلسة خاصة، وهذه مخالفة قانونية مركبة، فالأصل أنها جلسة عامة ألغيت دون قرار من المجلس، والأمر الآخر اعتبرت جلسة خاصة بناء على مقترح من الأمانة العامة لمجلس الأمة وافق عليه مكتب المجلس، بيد أن لائحة المجلس الأمة نصت في المادة ٧٢ على ” .. وللرئيس أن يدعو المجلس للاجتماع قبل موعده العادي إذا رأى ضرورة لذلك، وعليه أن يدعوه إذا طلبت ذلك الحكومة أو عشرة من الأعضاء على الأقل، ويحدد في الدعوة الموضوع المطلوب عرضه، ولا تتقيد هذه الدعوة المستعجلة بميعاد الثماني والأربعين ساعة المنصوص عليها في الفقرة السابقة.”
أي أن الجلسة الخاصة المقررة الثلاثاء الموافق ١٨ يوليو، لم تقرر بناء على دعوة من الرئيس، أو طلب من الحكومة أو عشرة من الأعضاء على الأقل، بل أنها “اقتراح” من أمانة المجلس وافق عليها مكتب المجلس وهو لا يملك هذا الاختصاص والحق، فاللائحة بينت بوضوح آلية الدعوة للاجتماع قبل الموعد العادي، وهذه المخالفة القانونية الثانية.
وعلاوة على ذلك، فأن موضوع الدعوة للجلسة الخاصة غير محدد بالمخالفة لذات النص في المادة ٧٢ من اللائحة، وهذا ينسحب على بقية الجلسات الخاصة – المقرة من قبل مكتب المجلس – فهي مجهولة لأعضاء السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهنا تقع المخالفة القانونية الثالثة.
في حال عقدت الجلسة العادية يوم الثلاثاء، فإن أعضاء مجلس الأمة سيصوتون على مضبطة الجلسة الافتتاحية التي حددت ٤ و ٥ يوليو موعدا للجلسة القادمة، والموافقة على المضبطة بهذا النص سيعزز من المخالفة الدستورية والقانونية التي ارتكبها مكتب مجلس الأمة بإلغاء الجلسة إياها وتحديده مواعيد أخرى لجلسات عامة وخاصة دون موافقة مجلس الأمة.
وبالعودة إلى الدستور واللائحة، فكل اجتماع يعقده المجلس في غير الزمان والمكان المقررين يكون باطلا وتبطل قراراته بحكم القانون، فهل يصحح النواب خطأ مكتب المجلس بتعديل مواعيد الجلسات وتحديد أخرى خاصة دون تفويض من المجلس كما جرت العادة في الحالات السابقة المشابهة؟ أم من باب التعاون يتم تجاوز تلك المخالفات ويكون “مكتب المجلس سيد قراراته”؟
