مع قرب انتهاء العطلة البرلمانية وبداية دور الإنعقاد الثاني للفصل التشريعي السابع عشر، لا بد من التوقف أمام بعض الأحداث التي جرت في الأسابيع الماضية وتسليط الضوء عليها حتى لا تشكل عائقا للتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية في المرحلة القادمة، أو حاجزا نحو تحقيق اصلاح حقيقي، فإن كانت مسؤولية إدارة الدولة بين السلطتين مسؤولية مشتركة، فالعاتق الأكبر يعق على كاهل الحكومة، فهي من تملك الأدوات والأجهزة التنفيذية.
قراءة عامة
أولا: شهدت العطلة البرلمانية تحركات حكومية فعلية للانقضاض على الدستور ومكتسباته الشعبية، وهذا مؤشر غير مطمئن لتوجهات بعض الوزراء المعادية لمبادئ الدستور والمخالفة لقواعد الديمقراطية، مما يحتم على سمو رئيس مجلس الوزراء القيام بمسؤولياته كرئيس للحكومة، وإصدار تعليماته المباشرة للوزراء باحترام قسمهم الدستوري والالتزام به، فالاستقرار السياسي قواعده النصوص الدستورية.
ثانيا: منذ نهاية دور الانعقاد الأول وحتى كتابة هذا التقرير، لم ترفع الحكومة إلى مجلس الأمة التشريعات الواردة في برنامج عملها لتتمكن اللجان البرلمانية من استثمار العطلة بدراستها ومناقشتها، وإعداد تقاريرها ورفعها إلى مجلس الأمة لتكون على جدول أعماله منذ بداية دور الانعقاد، وهو ما يحمل مجلس الوزراء منفردا مسؤولية التقاعس عن القيام بواجباته وعدم الجدية في “تعديل المسار”، وعلاوة على ذلك إهماله متطلبات الدولة والمواطنين كما وردت في برنامجه.
ثالثا: رغم مرور ما يقارب مئة يوم من نهاية دور الانعقاد الأول، إلا أن الأوضاع العامة للدولة لم تشهد تغيرا ملموسا، ولم يستشعر المواطن تطورا في مستوى معيشته أو تحسنا في الخدمات الحكومية المقدمة له، ولا تزال الكثير من الملفات عالقة بين الأجهزة الحكومية دون حلول جذرية، مما يعني أن الحكومة أضاعت فرصتها الأولى في اطلاق خارطة تصحيح المسار كما وعدت.
رابعا: مما لا يمكن تجاهله الأجواء غير المستقرة داخل الأسرة الحاكمة وأثرها على العمل الحكومي، وهو ما يتطلب تنبيه الأسرة الحاكمة وتذكيرها بأن الخلافات الداخلية لها انعكاسات سلبية على الدولة، فالعودة إلى مسار الصراعات يعني تقويض كل مساعي التعاون والاستقرار، وإحياء مرحلة الاصطفافات والانقسامات التي عانت منها الأسرة الحاكمة، مجلس الوزراء، مجلس الأمة والشعب.
خطوات مقترحة
وحتى لا تضيع الفرصة مجددا على السلطتين، ولا يبنى مستقبل دولة من الوهم، ولا يُخدع الشعب بشعارات انتخابية، فإن المرحلة القادمة تتطلب تنسيق بعيد عن الأنفاس الشعبوية أو المصلحة الانتخابية، وتتطلب عمل يسعى إلى إنقاذ الوطن من مستقبل مجهول عبر مجموعة من المحاور:
المحور الأول: جلسات خاصة
1- عقد جلسة خاصة في بداية دور الانعقاد لتقدم الحكومة عرضا مرئيا عن الإجراءات والقرارات التي اتخذتها في الأشهر الماضية تنفيذا لبرنامج عمل الحكومة، مع بيان العوائق التشريعية إن وجدت، والحلول المقترحة من جانبها.
2- عقد جلسة خاصة لاستعراض الحالة الاقتصادية للدولة، يقدم فيه الوزراء ذو الصلة شرحا وافيا للوضع الحالي مبني على أرقام واحصائيات وليس أقوال مرسلة، وخارطة الطريق التي وضعتها الحكومة لتحسين بيئة الأعمال وتنويع مصادر الدخل، وتشجيع قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة.
3- عقد جلسة خاصة يستعرض فيه وزير التربية ووزير التعليم العالي الوضع التعليمي في الدولة في كافة مراحلة وقطاعاته، والصعوبات التي تواجه المؤسسات التربوية والتعليمية.
4- عقد جلسة خاصة لاستعراض الوضع الصحي في الدولة من حيث تشغيل المستشفيات الحكومية الجديدة وتطوير المراكز الصحية القائمة، ومسألة نقص الأدوية في القطاع الحكومي والخاص.
5- عقد جلسة خاصة لمناقشة الوضع الإقليمي والدولي لدولة الكويت في ظل التطورات والمتغيرات الجارية في المنطقة، والتحالفات الجديدة التي تشكلت مؤخرا، وموقع الدولة من كل هذه التحولات العالمية.
على أن تكون الجلسات الخاصة المقترحة خلال شهر نوفمبر وديسمبر وبما لا يتعارض مع جلسات مجلس الأمة الأسبوعية المحددة وفق اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، وتصدر عن كل جلسة توصيات ملزمة للحكومة يتم وضعها في إطار جدول زمني مع بيان متطلباتها التشريعية والتنسيق لإقرارها.
المحور الثاني: التشريعات الحكومية
1- مشروع بقانون بشأن المنطقة الاقتصادية
2- مشروع بقانون بشأن ضريبة الشركات
3- مشروع بشأن الهيئة العامة لإدارة واستثمار أملاك الدولة العقارية
4- مشروع بقانون بشأن التجارة الالكترونية
5- مشروع بقانون بشأن إعادة التقييم المستمر للحد الأدنى للمعاشات التقاعدية
6- مشروع بقانون بشأن البديل الاستراتيجي
المحور الثالث: الاقتراحات بقوانين النيابية
1- الاقتراحات بقوانين بشأن تعديل النظام الانتخابي والدوائر الانتخابية
2- الاقتراحات بقوانين بشأن تقليص مدة رد الاعتبار
3- الاقتراحات بقوانين بشأن الحريات الإعلامية
4- الاقتراحات بقوانين بشأن ضوابط استخدام المادة (٨٠) من قانون التأمينات الاجتماعية
على أن تضع اللجنة التنسيقية الحكومية البرلمانية بالتعاون مع لجنة الأولويات البرلمانية جدولا زمنيا لإنجاز التشريعات قبل بداية دور الانعقاد القادم، وتوزع فيه المسؤوليات على الطرفين الحكومي والنيابي لتكون المرحلة القادمة مرحلة عمل متفق عليها.
