حظى رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ أحمد النواف بترحيب سياسي ونيابي وشعبي باختياره رئيسا للحكومة الجديدة، وهو الأمر الذي تكرر مع من سبقه من رؤساء الوزراء السابقين في بداياتهم السياسية، فهل تكون نهايته مشابهة لهم أم أن تغير الظروف داخل الأسرة الحاكمة وخارجها يجعل مساره مختلفا؟
لا يمكن الحكم على شخص وفكر النواف مبكرا، فحياته السياسية تعتبر قصيرة نسبيا لم تمهله الدخول في اختبارات حقيقية لصنع أو اتخاذ القرار، ولم يتعرض لمواجهات نيابية أو ضغوط شعبية، وعلاوة على ذلك فإن سيرته الذاتية مليئة بالمناصب العسكرية التي تدرج بها الى أن تقاعد من عمله في وزارة الداخلية، وكان آخر منصب تولاه هو وكيل مساعد. وفي نوفمبر 2020 عين نائبا لرئيس الحرس الوطني، ومن ثم وزيرا للداخلية في مارس من عام 2022.
صراع الأسرة الحاكمة
[inlinetweet] أولى المتغيرات الإيجابية التي تحيط بالشيخ أحمد النواف هي تراجع الصراع داخل الأسرة الحاكمة بشكل كبير[/inlinetweet]، فالانتصار الذي حققه الشيخ أحمد الفهد الأحمد الصباح على خصومه من أبناء عمومته ليس بسيطا، بل تمكن من إقصائهم من المشهد السياسي تماما، وهذا نتاج عمل دؤوب استمر لأكثر من عشرة سنوات لتشكيل كتلة نيابية وصنع الرأي العام، فغرد الفهد مباركا لقرار حل مجلس الأمة، ومهنئا لتعيين أحمد النواف رئيسا لمجلس الوزراء، ويمكن وصف هذه التغريدات بـ “إعلان الانتصار”. ولا يخفي الفهد علاقته بابن عمه النواف، وهي ليست سرا، فبجانب العلاقة الأسرية تجمعهم علاقة صداقة قديمة.
[inlinetweet]أحمد الفهد، الرجل القوي في عالم الرياضة العالمية، والأقوى – حاليا – داخل الأسرة الحاكمة، سيوفر الحماية اللازمة للنواف[/inlinetweet] طوال فترة توليه رئاسة الحكومة، سواء من داخل الأسرة أو خارجها، وذلك بخلاف طريقة تعامله مع الرؤساء السابقين ممن كانوا خصوما مباشرين له أو أطرافا في صراعات الأسرة. هذا المتغير الأول والأهم الذي من شأنه تحقيق استقرار لعهد الشيخ أحمد النواف في رئاسة الحكومة.
المناصب القيادية
ثاني المتغيرات، ويمكن تصنيفها أيضا بالإيجابية، خلو المناصب القيادية في معظم قطاعات الدولة وأهمها، الأمر الذي يمهد لرئيس مجلس الوزراء تعيين فريقا متكاملا ليس على مستوى الوزارة فحسب، بل علي مستوى رؤساء أجهزة الدولة ومؤسساتها، فضخ الدماء الجديدة من شأنه إحياء المؤسسات الخاملة ويحقق لحكومته استقرارا على المستوى التنفيذي، مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة اختيار شخصيات فنية متخصصة قادرة على دعم قرارات النواف وحكومته.
وما يعطي هذا المتغير أهمية ويدعم موقف النواف، أن القيادة السياسية تراقب عن كثب تعيينات القياديين، وسبق وأن استخدمت “الفيتو” في وقف تعيينات عديدة يشتم منها رائحة المصالح النيابية والسياسية، وهذا يرفع الحرج عن الشيخ أحمد النواف في مواجهة أعضاء مجلس الأمة القادم، ومطالبهم بحصة من المناصب القيادية في الدولة.
رئاسة مجلس الأمة
إعلان القيادة السياسية عدم تدخلها، والحكومة، في انتخابات رئاسة مجلس الأمة ومناصب المكتب واللجان البرلمانية، يمثل المتغير الثالث الذي يصب في صالح استقرار حكومة الشيخ أحمد النواف، فالموقف الحيادي من هذه الانتخابات سيجنبه الدخول طرفا في الصراعات النيابية – النيابية، وهي من الأسباب الرئيسية التي أقحمت رؤساء الوزراء السابقين في خلافات شديدة مع أعضاء البرلمان.
وصدور التوجيهات العلنية من سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد في هذا الشأن، سيرفع الكلفة السياسية عن النواف وحكومته القادمة، ويجنبه معركة الاصطفاف مع هذا الفريق أو ذاك.
مزاج الشارع العام
المعطيات السابقة تمثل جانب المتغيرات السياسية، ويبقى معطى أخير في نطاق مختلف وهو الشارع العام، وهو أخطر ما قد يواجه الشيخ أحمد النواف، [inlinetweet]فمزاج الشعب متغير من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب في أول موقف قد يتخذه الرئيس الجديد ضد الاقتراحات الشعبوية[/inlinetweet]، فالحراك الشعبي اليوم ارتبط بفكرة تغيير رئيسي السلطتين، وهذا شغل الحيز الأكبر من الحياة العامة، وبانتهاء تلك المعركة ستعود غدا الاقتراحات بقوانين – غير المنطقية – ذات الكلفة المالية إلى الواجهة، وهنا سلطة اتخاذ القرار ستخرج من صلاحيات الشيخ أحمد النواف إلى القيادة السياسية، وهو ما قد يشكل صداما مع الشارع يتحمل وزره رئيس الوزراء ويدفع ثمنه.
وبموازاة الاقتراحات الشعبوية، هناك متطلبات إصلاحية اقتصادية يرفضها الشارع بالمطلق، تجاهلتها الحكومة السابقة، ونجح المجلس السابق بإزاحتها عن جدول أعماله ومناقشتها تحت غطاء الأزمة السياسية، وإعادة طرحها قد يفتح بابا آخرا للصدام مع الشعب وبالتبعية أعضاء مجلس الأمة، وتجاوز هذا المعطى مرتبط بمدى رغبة الشارع بتغيير أفكاره، ونظرته للمال العام وحصته منها.
مسؤولية النواف
المتغيرات السابقة شكلتها الظروف السياسية، ويبقى [inlinetweet]هناك متغيرات يجب أن يصنعها ويخلقها الشيخ أحمد النواف، وفي مقدمتها خلق قنوات تفاهم وتواصل واضحة مع القيادة السياسية لإدارة شؤون الدولة بالتوافق والاتفاق، لا الاختلاف والأوامر.[/inlinetweet] وكذلك إعادة صياغة منهجية الحكومة في التعامل مع الأحداث والقضايا، فجميع الحكومات السابقة – رؤساء ووزراء – انتهجت مبدأ ردة الفعل لتنفيذ عمل أو تطبيق عقوبة نتيجة انعدام الرؤى وغياب التخطيط، والأمر الآخر وهو الأهم، تجاوز فكرة ضرورة الاصطفاف السياسي مع مجموعة ضد أخرى لتوفير حماية سياسية وبرلمانية لشخصه وحكومته، فهذا النهج أوقع الرؤساء السابقين في أزمات انتهت الى خروجهم من المشهد السياسي.
سيعيش الشيخ أحمد النواف عصره الذهبي في المرحلة الحالية والتي قد تمتد لفترة دور انعقاد كامل، فالظروف مواتية للانتقال الى مرحلة جديدة كليا، ولكن [inlinetweet]التاريخ يشير الى أن العصور غير أبدية، ومتغيره، فهل ينجح النواف بكسر القاعدة السياسية في الكويت[/inlinetweet] ويصل بمركب الحكومة الى ميناء الاستقرار؟
عودة الشيتان والرشيد مؤشر سياسي لإبطال مجلس الأمة أو حله 13 مارس 2023
[…] وتتمثل -تلك المؤشرات – في الأسماء التي سيرشحها رئيس الوزراء المكلف الشيخ أحمد نواف الصباح لحكومته الثالثة، فإما أسماء تنتزع فتيل الأزمة أو […]