دارك بولتكس للاستشارات السياسية > شؤون حكومية > لهذه الأسباب قد يخسر الشيخ ناصر الصباح معركته مع خصومه

لهذه الأسباب قد يخسر الشيخ ناصر الصباح معركته مع خصومه

وضعت صراعات الأجنحة في الأسرة الحاكمة، والنزاعات السياسية والتجارية، النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الشيخ ناصر صباح الأحمد على خط المواجهات النيابية والإعلامية، وبات واضحا استهدافه عبر مشروع الحرير ومسألة اختراقات الأجواء الكويتية لإضعافه ودفعه للاستسلام والابتعاد عن المشهد السياسي وطموح الوصول الى مسند الإمارة.

 في تقرير سابق بعنوان “ناصر صباح الأحمد: مشروع حاكم أو ضحية أخرى لصراعات الأسرة؟” طُرحت عدة تساؤلات بشأن مستقبل وزير الدفاع في ظل تركيبة مجلسي الوزراء والأمة الحاليين واستمرار صراعات الأسرة الحاكمة، وأتت الإجابات مؤكدة لما ذكره التقرير أن “دخوله يضعه على خط تماس مع شيوخ منافسين ومن المرجح أن يكون عرضه لهجوم بالوكالة من نواب”، وهذا ما حصل اليوم ووقع.

بداية المعركة

معركة اسقاط ناصر الصباح بدأت فعليا منذ دخوله الحكومة، وتصاعدت حدتها مع تقديم مشروع “إقليم الحرير”، وأصبحت أكثر علانية مع تقارير عن عبور صواريخ وطائرات مسيرة الأجواء الكويتية لاستهداف منشآت نفطية في المملكة العربية السعودية والتي نفاها الجانب الأمريكي في وقت سابق، فكلما نجحت مساعي إفشال “الحرير” وتحميله مسؤولية الاختراقات، اهتزت صورته أكثر سياسيا وأمنيا وشعبيا ، وجزء كبير من هذا تحقق بالفعل، لقد ضُرب الشيخ ناصر في مراكز رئيسية لأي طامح للحكم، الأمن والاقتصاد وثقة الشعب ، وهي ركائز أساسية لبناء مستقبل أي سياسي من الأسرة الحاكمة، ولعل الجانب الاقتصادي كان الأكثر استهدافا من قبل خصومه.

فوجوده يشكل خطرا على الآخرين من أبناء الأسرة الطامحين لمراكز متقدمة في سلم الإمارة، ويقلل من فرص حظوظهم في التأهل الى المسند، وتوليه المسؤولية أميرا أو رئيسا للوزراء قد يحدث تغييرا شاملا في هوية مجلس الأمة ، فصورة المشهد التي استقرت خلال السنوات الماضية عرضة للتغير الشامل.

يقر أغلب المتابعين للشأن السياسي المحلي بنظافة يد الشيخ ناصر الصباح، بما فيهم خصومه، وهو من شباب الأسرة الذين وقعوا على الوثيقة الشهيرة للإصلاحات السياسية في الكويت عقب الغزو العراقي، كما أنه يستحسن فكرة النظام الملكي الدستوري وذلك لفصل الأسرة عن الإدارة العامة للدولة للنأي بها من الصراعات، ويحمل طموحا ورؤى لكويت المستقبل، غير أن كل ذلك لا يعطي الشيخ ناصر أفضلية عن الآخرين، ولم يحميه من الدخول – أو اقحامه – طرفا في الصراع.

مسؤوليته السياسية

لا يمكن تبرئة ساحة وزير الدفاع من بعض المسؤولية لما آلت اليه أوضاعه، فهو شخصية لم تمارس العمل السياسي بصورة متواصلة ومحترفة ولم تعايش الواقع الحكومي التنفيذي المعقد ، مما جعله في منطقة غير واقعية في التعامل مع الأجهزة الحكومية أو قادرة على خلق لوبي تفاهم مع أعضاء مجلس الأمة، فمشروع بحجم “الحرير” والتغيير في شكل الدولة ونظامها عبر تأسيس “إقليم شبه منفصل إداريا واقتصاديا وقضائيا” يتطلب ذهنية سياسية قادرة على كسب حلفاء وليس أعداء، وهو ما لم يقم به الشيخ ناصر مبكرا، بل أن مشروعه تحول الى سلاح بيد نواب وتجار وإعلام لإسقاطه، وذلك نتيجة سوء التخطيط والتقدير .

أما على الجانب الأمني، فوضعت الأحداث الأخيرة الشيخ ناصر في موقع المسؤول سياسيا عن القصور الأمني الكبير – وإن كان شكليا -، وأعادته الى مربع المواجهة النيابية بعد أن تجاوزه مسبقا بإعادة تقديم مشروع قانون جديد لمشروعه “إقليم الحرير”، فلم يقطع اجازته الخاصة ويعود الى البلاد لتولي مسؤولية الملف الذي استخدم ضده والتحقيق حوله، أو لإعادة ترتيب القطاع العسكري الذي يقوده، لقد ترك ساحة المعركة للآخرين ليسقط في اختبار الأمن.

المرحلة الأخيرة

قوة الشيخ ناصر ونفوذه اليوم مستمدة من والده الحاكم ، سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد، ولعل هذا الاعتبار الأهم الذي يؤجل من مرحلة الانقضاض عليه، مما يضع مستقبله السياسي رهن الوقت، ويراهن خصومه على نفسه القصير في مواجهة الأزمات، فتاريخ عمله وزيرا لشؤون الديوان الأميري رسخ هذا الاعتقاد بل وأكدته مواجهات سابقة له مع قيادات في الديوان، لذا فإن الحملة ستكون أكثر شراسة في القادم من الأيام لقتل أحلامه، حلم الإمارة و”الحرير”.

لقد عاش وزير الدفاع مراحل تاريخية مهمة من الخلافات بين أفراد الأسرة الحاكمة، ويعي جيدا الأضرار التي تترتب عليها، وكان شاهدا على سقوط شيوخ من سلم الحكم وتراتبيته، ويفترض أن يكون ذو خبرة أكثر في التعامل مع الصراعات الداخلية، ودراية أعمق في خلق التحالفات الداخلية.

ما يحتاجه الشيخ ناصر الصباح من دعم شعبي متوافر، وقبول من الأسرة الحاكمة حاضر ، إلا أن كلا هذين الأمرين آخذين في التراجع والزوال مع مرور الوقت، وتزداد وتيرته أكثر مع الهجمات التي يتعرض لها، ومسؤوليته إن أراد الاستمرار أن يعيد بناء شخصيته لتكون أكثر جدية في مواجهة خصومه ، والتعامل بحنكة أكثر مع الملفات المسؤول عنها، وهو في عمر لا يسمح له الانتظار كثيرا، فهل يستسلم مبكرا أم يفاجئ الجميع بنهج جديد؟

نسخة PDF: لهذه الأسباب قد يخسر الشيخ ناصر الصباح معركته مع خصومه