لم تخرج جلسة مناقشة الاستجواب المقدم من النائب د. عبدالكريم الكندري لرئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ جابر المبارك عن المتوقع بإحالته الى اللجنة التشريعية البرلمانية لدراسة مدى دستوريته، أما التعامل النيابي المعارض للقرار فلم يتغير هو الآخر عن السوابق واستمر بالدوران في ذات الفلك الإعلامي البعيد عن التنسيق السياسي المسبق.
الكتلة الحكومية
[inlinetweet]استطاعت الحكومة تمرير قرارها بحماية رئيس الوزراء من صعود المنصة للمرة الثانية على التوالي بغطاء نيابي[/inlinetweet] مدعوم بقوة تصويت الكتلة الحكومية التي لعبت دورا في خلق الفارق العددي للمؤيدين لطلباتها بسرية الجلسة والاحالة الى التشريعية، واستمرت بتمسكها في رأيها الدستوري – وان غلب عليه الطابع السياسي أكثر من القانوني – بشكل الاستجواب المفترض توجيهه للرئيس، كما [inlinetweet]نجحت في الاستثمار بالخلافات النيابية النيابية ذات الطابع السياسي والانتخابي لصالحها[/inlinetweet]، وهو ما بات واضحا في نتائج التصويت في طلبات طرح الثقة في الوزراء بالإضافة الى السجالات المستمرة بينهم.
[inlinetweet]المعسكر النيابي المعارض لإحالة استجواب الرئيس الى التشريعية ظهر بشكل مرتبك مما تسبب بارتكابهم لأخطاء سياسية[/inlinetweet]، ويعود ذلك الى غياب التنسيق فيما بينهم رغم علمهم المسبق بتوجه الحكومة وتأييد أغلبية أعضاء مجلس الأمة لها، مما يعطي دلالة مؤكدة ان كل ما صدر بعد الجلسة من مواقف كان ردة فعل عشوائية غير مدروسة زادت من التخبط.
العشوائية والتخبط
أولى دلالات التخبط البيان الصادر من مجموعة نواب تنتقد قرار “أغلبية” مجلس الأمة بتأييد طلب الإحالة، ووصفت التصويت بـ “الممارسة غير الدستورية” ومن شارك فيه “مشاركا في الإجراء الباطل وهذه الممارسات تتعارض مع نصوص الدستور واللائحة الداخلية وتعدي صارخ”، ولكن [inlinetweet]معظم من وقع على هذا البيان ووجه التهم الى الآخرين شارك بعملية التصويت![/inlinetweet] لقد صوت كلا من د. عبدالكريم الكندري، عبدالوهاب البابطين، د. بدر الملا، حمدان العازمي وعمر الطبطبائي بالرفض، في حين لم يشارك النائب رياض العدساني، كاتب البيان، بالعملية لا رفضا ولا تأييدا أو امتناعا.
بيان عن الممارسات غير الدستورية التي اتخذت بحق الإستجواب الوجه لرئيس الحكومة، ونؤكد أن المصلحة العامة تقتضي بعدم التعاون مع حكومة لا تلتزم بنصوص الدستور
🔹️موقعين البيان:
رياض العدساني
د.عبدالكريم الكندري
عبدالوهاب البابطين
د.بدر الملا
شعيب المويزري
حمدان العازمي
عمر الطبطبائي pic.twitter.com/clPNOgKVGp— رياض أحمد العدساني (@R_Aladasani) May 14, 2019
أما الدلالة الأخرى ما جاء في بيان مجموعة نيابية أخرى – ضمت بعضا من نواب البيان الأول – إذ أعلنت عن [inlinetweet]”عدم التعاون السياسي” مع الحكومة، وهو مصطلح مستحدث لا يرتبط بأي اجراء دستوري أو لائحي[/inlinetweet]، ولا يتقاطع بأي شكل من الأشكال مع ما نصت عليه المادتين ١٠١ و ١٠٢ من الدستور التي وضعت تقديم كتاب عدم التعاون كإجراء لاحق لاستجواب رئيس الوزراء.
عدم التعاون السياسي
صحيح ان قرار [inlinetweet]”عدم التعاون السياسي” ليس سوى نتيجة وردة فعل لتعطيل الحكومة وأغلبية النواب حق استجواب الرئيس[/inlinetweet] ووضع عراقيل دستورية لإقامة المحاسبة والمسائلة، الا ان [inlinetweet]عدم تحديد المعايير والقواعد التي ينطلق منها هذا الموقف يجعله غامضا[/inlinetweet] بما يخلق مساحة واسعة لعدم التزام أي من الموقعين على هذا البيان بأي اجراء مستقبلي، وقد يكون ذلك متعمدا، لا سيما انهم ليسوا كتلة برلمانية ولا ينطلقون من أيدولوجيات سياسية أو فكرية متقاربة، مما يجعل كفة الاختلاف مرجحه على الاتفاق.
بيان عدم تعاون سياسي مع حكومة جابر المبارك pic.twitter.com/DzqXjER9R3
— محمد براك المطير (@MBALMUTAIR) May 14, 2019
لقد صرح بعض من الموقعين على البيان بشكل فردي على دعمهم لأي استجواب يقدم لأي وزير، ورفضهم للميزانيات والحساب الحكومي، كأحد أشكال “عدم التعاون السياسي”، ولكن [inlinetweet]هل ستجد تلك التوجهات لاسيما فيما يتعلق بالاستجوابات التزاما من الموقعين؟[/inlinetweet] أم الاعتبارات السياسية والانتخابية والمصالح الخاصة ستغلب كما حدث في استجوابي وزير الصناعة والتجارة خالد الروضان ووزير الاعلام ووزير الدولة لشئون الشباب محمد الجبري؟ هل سيكونون قادرين على التحرر من الالتزام الطائفي والقبلي؟ ويبقى هناك سؤالا مستحقا، هل سيتمسك من تبنى هذا النهج بموقفه باستجواب مقدم لوزير اصلاحي من نائب فاسد؟
بعد إحالة استجواب رئيس الوزراء للتشريعية تمهيدا لشطبه و حرمان النائب من أداء دوره الرقابي أعلن عدم التعاون السياسي مع هذه الحكومة، سأرفض جميع الميزانيات و الحسابات الختامية و سأكون مع طرح الثقة بجميع الوزراء في هذه الحكومة
الكويت بحاجة رئيس وزراء جديد بنهج جديد
— عبدالوهاب البابطين (@WahabAlbabtain) May 14, 2019
والجدير بالذكر أن الموقعين على هذا البيان كلا من د. عادل الدمخي، د. عبدالكريم الكندري، شعيب المويزري، حمدان العازمي، عبدالوهاب البابطين، محمد هايف ومحمد المطير.
غياب التنسيق
لم يكن تصويت الإحالة الى “التشريعية البرلمانية” لاستجواب الرئيس الأول في الفصل التشريعي الحالي، ففي نوفمبر من العام الماضي أحيل استجواب النائب شعيب المويزري الى اللجنة ذاتها وانتهت الى عدم دستوريته ورفع من جدول أعمال المجلس، كما أن هناك سوابق في فصول تشريعية أخرى، وهو ما جعل الممارسة، رغم عدم ورودها في الدستور أو اللائحة الداخلية، سلوكا معترف به برلمانيا رغم بيانات الرفض السياسي له، ولم يتقدم أيّ من النواب المعارضين من حيث ما يرونه من تجاوز على الدستور بتعديل على اللائحة لوقف هذا السلوك الذي ينقذ رئيس الوزراء من المنصة، وهو ما يجعل تكراره أمرا مسلما به وسلوكا أخذ طابع العرف البرلماني.
[inlinetweet]غياب التنسيق وتوحيد الموقف سبب رئيسي في فشل النواب بوضع قواعد لائحية جديدة تحدد آلية التعامل مع الاستجوابات المختلف على دستوريتها[/inlinetweet]، سواء الموجهة الى الرئيس أو الوزير، وتسد الثغرة التشريعية التي تنفذ منها الحكومة، [inlinetweet]فهل فعلا التنسيق مستحيل أم أن الساحة البرلمانية تعيش مسرحية ما قبل الانتخابات النيابية؟[/inlinetweet]
نسخة PDF: بيانات “عدم التعاون السياسي” .. أخطاء وعشوائية وغياب التنسيق