تثير تغريدات رئيس هيئة الرياضة السعودية تركي آل الشيخ، المستشار في الديوان الملكي السعودي، عن دوره ومساعيه لرفع الإيقاف الدولي عن الرياضة الكويتية الكثير من الجدل على شبكة التواصل الاجتماعي ”تويتر“، فهناك من يعترف ويقر بها وآخرون ينكرونها جملة وتفصيلا، ولعل هذا الانقسام مرتبط بشكل مباشر بالاصطفافات المحلية مع الجانب السعودي أو القطري في إطار الأزمة الخليجية الراهنة.
المسؤولون في الكويت أعلنوا رسميا عن الدور القطري ووساطة الدوحة بين الحكومة الكويتية ومجلس الأمة من جهة، والاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” من جهة أخرى للوصول الى تفاهم واتفاق حول تعديلات على قانون الرياضة الكويتي يتوافق مع متطلبات الاتحاد الدولي تؤدي الى رفع الإيقاف عن الكويت.
طاولة حوار قطرية
ولعل استضافة الدوحة لبطولة كأس العالم المقرر إقامتها عام ٢٠٢٢، وما يواكبها من زيارات متكررة لمسؤولي الـ “فيفا” لقطر لمتابعة استعداداتها، سهل من مهمتها للعب دور الوسيط بين الاتحاد الدولي للقدم وحكومة الكويت ومجلس الأمة، واستضافة طاولة حوار بين جميع الأطراف، وهو ما أكده كتاب أمين عام الاتحاد الدولي لكرة القدم فاطمة سامورا الى أمين عام الاتحاد المنحل سهو السهو، الذي نشرت تفاصيله صحيفة الراي الكويتية بعددها ١٣٩٧١ بتاريخ ١ اكتوبر ٢٠١٧، إذ ذكرت فيه ” … وبناءً على دعوة من السلطات القطرية اجتمع وفد الفيفا مع ممثلي وزارتي الرياضة في قطر والكويت لمناقشة مشروع قانون رياضي جديد للكويت في الدوحة يوم ٢٥ سبتمبر“.
جزء من أيام العمل المضنية مع الاشقاء القطريين، فألف تحية لهم.#أحمد_نبيل_الفضل #فكر_غير pic.twitter.com/VnDCsJj44r
— أحمد نبيل الفضل (@AlFadhelAhmad) December 6, 2017
وأكد هذه الوساطة ونجاحها “مبدئيا”، وزير التجارة والصناعة ووزير الشباب خالد الروضان في ١٩ أكتوبر ٢٠١٧ في مجلس الأمة الكويتي عقب اجتماعه مع لجنة الشباب البرلمانية، إذ أعلن عن وساطة قطرية أذابت الفجوة بين الكويت والاتحاد الدولي لكرة القدم ”فيفا“ بعد مفاوضات استمرت أربعة أشهر تم التوصل بعدها لاتفاق بين حكومة الكويت والـ ”فيفا“ على مشروع قانون رياضي يتوافق مع المتطلبات الدولية.
الدور القطري المحوري في ملف الايقاف الكويتي، شكل مدخلا سياسيا جيدا للفريق المحلي المؤيد والداعم للدوحة في مهاجمة دول الحصار كما يصفونهم، فكان التركيز على العلاقات الكويتية القطرية كنموذج خليجي مطلوب في ظل الأوضاع الراهنة وأهمية المحافظة عليه، وضرورة استمرار الكويت بموقف الحياد من الأحداث الخليجية، بالإضافة الى توجيه الشكر والثناء للقيادة القطرية في تبنيها هذا الملف المهم شعبيا في الكويت.
مساعي آل الشيخ
تزامنت تلك الأحداث مع تولي تركي آل الشيخ منصب رئيس هيئة الرياضة السعودية في سبتمبر ٢٠١٧ ورئاسة اللجنة الأولمبية السعودية في أكتوبر ٢٠١٧، لقد أصبح المسؤول الأول عن الرياضة السعودية، وهو المسؤول الأول قبل ذلك عن المواجهة الإعلامية تجاه قطر سواء عبر تأليف الأغاني المناهضة للدوحة أو التغريدات الحادة التي كان يطلقها ضد أميرها الشيخ تميم بن حمد، وتجييش الحسابات السعودية المؤثرة في تويتر ضدها.
كان متوقعا أن ينقل آل الشيخ الأزمة السعودية القطرية الى الملاعب الرياضية بعد تعيينه، إلا أن المفاجأة تمثلت في إقحامه ملف الإيقاف الكويتي ضمن أجندة الصراع، فتعامل معه من منطلق خصومته مع الدوحة، فلم يكن مقبولا أن تحقق قطر انتصارا في وساطة من شأنها أن تسلط الأضواء عليها كدولة جارة مسالمة، في حين تسعى دول الصراع الى عزلها خليجيا وإقليميا كدولة راعية للإرهاب، كما أن حجم الثناء الكويتي من أعلى المستويات للقيادة السياسية القطرية أثار حفيظة آل الشيخ، فاستمرار العاصمة القطرية في الاستفادة من رفع الإيقاف سياسيا ورياضيا بمثابة هزيمة له في أحد معارك بلاده مع قطر.
{tweetme mode=link}سعى آل الشيخ، مع كل تقدم في ملف الرياضة الكويتية، الى المشاركة في قطف جزء من ثمار النجاح[/inlinetweet]، فتارة يبشر بقرب رفع الإيقاف، وتارة أخرى يعلن عن اتصالات هاتفية مع الرئيس الغانم والمسؤولين الرياضيين أجراها في ذات الملف، بل ذهب الى ما هو أبعد من ذلك بعد انتهاء أزمة الكرة الكويتية، ففي لقاء تلفزيوني له يوم ٣١ ديسمبر ٢٠١٧، يقول “توجيهات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وراء التحرك لرفع الإيقاف عن الرياضة الكويتية .. لم أجد صعوبة في رفع الإيقاف وهذه هدية متواضعة لأمير الكويت“. ولم يصدر أي تأكيد رسمي كويتي سواء من السياسيين أو الرياضيين المعنيين بالملف الرياضي لتصريحات آل الشيخ.
إعادة الاصطفافات
محاولات رئيس هيئة الرياضة السعودي آل الشيخ خطف أضواء النجاح من الدوحة الى الرياض، أهدافها أبعد من الرياضة، فهي تأتي في إطار سياسي يخدم المصالح السعودية، {tweetme mode=link}فهناك شعور متولد في المملكة أن الموقف الكويتي من الأزمة الخليجية أنقذ الدوحة من الاستسلام المبكر[/inlinetweet] وأطال أمد الأزمة، ووقوف الساسة والشعب خلف موقف أميرها المحايد عزز الروابط الشعبية أكثر بين الدوحة والكويت بصورة تجاوزت ما كان يعتقد بقوتها مع السعودية، وهو ما يمكن رؤيته عبر تلميحات كثير من الحسابات الرسمية السعودية على تويتر ضد الكويت، أو حتى تغريدات تركي آل الشيخ نفسه.
و{tweetme mode=link}هناك خط جديد آخذ في التبلور مؤخرا في الساحة الكويتية لاختراق سعودي للتقارب الشعبي الكويتي القطري[/inlinetweet]، وإعادة بناء الاصطفافات بشكل أفضل تجاه المملكة، بدأ مع دخولها على خط ملف الايقاف الرياضي، ومحاولات آل الشيخ الى نسب فضل قرار الـ “فيفا” لولي العهد وله، مستعينا بمصطلحات عاطفية كـ”هدية لأمير الكويت” و”أنا خادم لابونا صباح”، وتبنى وسائل الإعلام السعودية، ومغردون كويتيون، هذه التصريحات وتسويقها بشكل لافت.
رياضة الكويت ستعود ..
أطمئن الجميع وكل المخلصين ..
لدي تواصل مع شخصيات دولية وأخي رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم على تواصل وإطلاع مستمر بكل شيء .. وإن شاء الله نفرح بهذه العودة.
????— TURKI ALALSHIKH (@Turki_alalshikh) November 29, 2017
انتهت أزمة الرياضة الكويتية الكروية، ولا يزال الطريق أمامها طويل لرفع الإيقاف عن بقية الألعاب الأخرى، فهل تنعكس الأزمة الخليجية على تحركات الكويت لإغلاق هذا الملف الى الأبد؟ أم تتحول ملاعبها الى ساحات صراع بين الأطراف الخليجية تعقد من مساعي رفع الإيقاف؟ لا سيما وأن الساحات الدولية حاليا تشهد صراعا سياسيا لسحب تنظيم بطولة كأس العالم ٢٠٢٢ من الدوحة.
نسخة PDF: رفع الإيقاف الرياضي عن الكويت .. بين طموح قطر وأهداف آل الشيخ
