دارك بولتكس للاستشارات السياسية > شؤون برلمانية > من الأضواء إلى العتمة .. ملف العفو وأصحابه
نواب يحاولون وقف تصويت مجلس الأمة على طلب الغاء قرار تأجيل استجوابات رئيس الوزراء

من الأضواء إلى العتمة .. ملف العفو وأصحابه

عكست تغريده النائب السابق مبارك الوعلان المقيم في تركيا الحال الذي انتهى عليه ملف “العفو الشامل”، بعد أن تخلى النواب عن التزامهم بالقضية وتخلفهم عن حضور الاعتصام الذي دعا له منسق كتلة الـ ٣١ النائب السابق د. بدر الداهوم، فيتساءل الوعلان بعد ساعات من انتهاء الاعتصام في ١٣ يونيو ٢٠٢١ “أين نواب مجلس الأمة عن المشاركة بتجمع أمس بساحة الإرادة؟”.

تغيير الموازين

قضية “العفو الشامل” تغيرت موازينها بصورة لافتة في الفصل التشريعي الحالي، فالقضية التي تصدرت الحملات الانتخابية الأخيرة التي أقيمت في ديسمبر ٢٠٢٠، واجتمع حولها المئات من المرشحين ووقع على “الميثاق الوطني للعفو الشامل والمصالحة الوطنية” العشرات منهم، وكانت مفتاحا للنجاح، تحولت الى عبء على أصحاب القضية، وسببا في تراجع قوتهم وتأثيرهم على الساحة السياسية.

شكل “العفو الشامل” سلاح شعبي بيد المدانين في قضية دخول مجلس الأمة، إذ حصدوا تضامن واسع حولهم لإيمان العديد من المواطنين أن الحادثة هدفت الى مكافحة الفساد الحكومي والنيابي، وما دخول المجلس – أو اقتحامه كما يطلق عليه الطرف الآخر – سوى عمل غير مقصود فرضته ظروف التجمع آنذاك في ساحة الإرادة وليس القصد منه التخريب، أما الأحكام القضائية الصادرة بحقهم فمن وجهة نظر مؤيديهم فقد خالفت صحيح الوقائع وحقيقة الأحداث. كل تلك المعطيات جعلت من “مجموعة تركيا” لاعب رئيسي في إيصال مرشحين لمقاعد مجلس الأمة، وأصحاب قرار في التصعيد السياسي ضد الحكومة أو التهدئة.

مجموعة تركيا

نتائج الانتخابات الأخيرة، ونجاح أغلبية مؤيدة لـ “العفو الشامل” أعطى دلائل واقعية على قوة “مجموعة تركيا” في إدارة الملف الانتخابي لصالح قضيتها، ساهم في ذلك التصعيد ضد رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم – المعارض للعفو الشامل – الذي كاد أن يخسر مقعد الرئاسة في الجلسة الافتتاحية بتاريخ ١٥ ديسمبر ٢٠٢٠ بعد فرض الأغلبية على أعضائها التصويت بـ “الباركود”، إلا أن الكتلة التصويتية للحكومة حسمت الفوز لصالح الغانم.

تجاوزت “مجموعة تركيا” خسارة معركة الرئاسة وخيانات بعض النواب ممن حضروا الاجتماعات التنسيقية، فقانون “العفو الشامل” أولوية من الممكن إقراره بوجود الأغلبية النيابية المؤيدة للمبدأ، بمن فيهم من صوت للغانم في الرئاسة. وكرد فعل على أحداث الجلسة الافتتاحية وخسارة كرسي الرئاسة، قُدم الاستجواب الأول لرئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ صباح الخالد، وأيد كتاب عدم التعاون أكثر من ٣٠ نائبا قبل مناقشة الاستجواب، فكانت رسالة سياسية شديدة أسقطت حكومة لم يتجاوز تشكيلها فترة الشهر، اذ قدم الخالد استقالة الحكومة في ١٣ يناير ٢٠٢١.

إحياء “العفو”

هذه الحادثة السياسية، عززت من قوة تحالف “مجموعة تركيا” والأغلبية النيابية لاسيما عند النظام وداخل الأوساط الحكومية، وهو ما دفع رئيس الوزراء المكلف الشيخ صباح الخالد الى المسارعة في فتح قنوات اتصال مباشرة مع النواب لتفادي تصعيد آخر يطيح به من جديد، ويمنحه فرصه السعي لدى القيادة السياسية لإحياء مشروع “العفو” عن “مجموعة تركيا”، والتنسيق حول بعض القوانين المقترحة ومنها تعديل نظام الدوائر الانتخابية والقوانين الإعلامية.

وعلى صعيد مواز للقاءات رئيس الوزراء المكلف مع الأعضاء والكتل النيابية، كُلف نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء السابق أنس الصالح – بشكل غير رسمي – بملف “العفو”، والتنسيق ما بين القيادة السياسية والحكومة والنواب و”مجموعة تركيا” لحلحلة الملف.

أعلن وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة مبارك الحريص في ١ فبراير ٢٠٢١ أن لقاءات رئيس الوزراء مع النواب أسفرت على الاتفاق لتشكيل فريق حكومي – نيابي لإقرار القوانين التي وردت في بيان عدد من النواب، وسيتم عرضها وإقرارها في أول جلسة مقبلة لمجلس الأمة.

صدر في ١٧ فبراير ٢٠٢١ أمر أميري – وفق المادة ١٠٦ من الدستور – بتأجيل انعقاد جلسات مجلس الأمة لمدة شهر، وفسر الأمر لإتاحة الوقت الكافي للخالد للتنسيق مع الكتل النيابية المعارضة حول بعض القضايا الرئيسية والخلافية وعلى رأسها مسألة “العفو”، وإعطاءه مهلة في اختيار أعضاء حكومته بعد الصدمات التي تلقتها الحكومة السابقة بتعيين أشخاص انتقد النواب توزيرهم، وأيضا، فإن تأجيل الجلسات سيخفف من ضغط عامل الوقت لتشكيل الحكومة بعد أن بدأ يثير أعضاء مجلس الأمة ضد الرئيس المكلف.

https://twitter.com/KuwaitiCM/status/1362110366222848005?s=20

وهو ما أكده الوزير مبارك الحريص الذي صرح في اليوم التالي من صدور الأمر الأميري بحرص رئيس الوزراء على التعاون مع النواب واستكمال التشكيل الحكومي في أقرب وقت، وجدد التأكيد على رغبة رئيس الحكومة بـ “طي الملفات العالقة والسعي الجاد نحو الوصول الى اتفاقات حول العديد من القضايا الراهنة بما فيها القوانين المتفق عليها”.

بوابة الاستقرار

التحركات السابقة جاءت بعد تصعيد سياسي أتى ثماره بتحريك المياه الراكدة، ولا شك أن مجرد اتخاذ خطوات بهذا الحجم والمستوى يعتبر نجاح لـ “مجموعة تركيا” وحلفائهم النواب في الكويت، وهو ما عزز أكثر من قوة التحالف في الساحة والالتفاف شعبي حولهم، وأكد على أن “العفو” أو “المصالحة الوطنية” بوابة الاستقرار، ولا خيار أمام رئيس الوزراء سوى بذل الجهد والتعاون لأنهاء الملف.

انفجرت في هذا الأثناء قضية الطعن الانتخابي بعضوية النائب د. بدر الداهوم بعد أن حددت المحكمة الدستورية جلسة ٣ مارس ٢٠٢١ للحكم، وما صاحبها من تكهنات قانونية واعلامية بتوجه المحكمة الدستورية بإبطال عضويته، وهو ما دفع قضية “العفو الشامل” للتراجع الى المرتبة الثانية من حيث الأولوية، فانطلق حراك جديد منفصل يسعى للتأثير على المحكمة الدستورية لحماية عضوية النائب، وبدأ ذلك من ديوان النائب محمد المطير حيث قرر عدد من النواب عقد وقفة تضامنية مع الداهوم، إلا أنها تحولت الى مؤتمر صحفي بعد حضور وزير الداخلية الشيخ ثامر العلي الى الديوان والطلب من النواب تغيير نمط الوقفة تقديرا للأوضاع الصحية.

مسار جديد

في ٣ مارس، أجلت المحكمة الدستورية الحكم الى ١٤ مارس ٢٠٢١، وبدأ “العفو الشامل” يغيب شيئا فشيئا عن الساحة، لا سيما بعد أن قدمت وزارة الداخلية بلاغات ضد عدد من النواب الحاليين والنواب السابقين وعلى رأسهم رئيس مجلس الأمة الأسبق أحمد السعدون لمخالفتهم الاشتراطات الصحية بعقد المؤتمر الصحفي، وهو ما ترتب عليه تصعيد سياسي وشعبي واسع جديد ضد الحكومة المستقيلة ورئيس الوزراء المكلف، تسارعت أحداثه الى تقديم استجواب جديد للشيخ صباح الخالد من النائبين د. بدر الداهوم ومحمد المطير في ٨ مارس ٢٠٢١، أي قبل تشكيل الحكومة وأداءها اليمين الدستورية، وقبل انقضاء فترة تعليق الجلسات، وقبل صدور الحكم بعضوية الداهوم.

اتجهت الأنظار الى مبنى المحكمة الدستورية بانتظار نتيجة الطعن الانتخابي في عضوية الداهوم، والى مجلس الوزراء بانتظار إعلان الرئيس الشيخ صباح الخالد أسماء الحكومة الجديدة، وفي الوقت ذاته كان الترقب سيد الموقف لمعرفة موقف الخالد من الاستجواب، وشكلت تلك الأحداث مسار سياسي جديد انفصل عن مسار “العفو الشامل”، رغم بعض المحاولات النيابية بربط الأحداث بها.

تهدئة الساحة

أبطلت عضوية النائب د. الداهوم في ١٤ مارس ٢٠٢١ ليحل محله النائب حمدان العازمي في الاستجواب، وأصبح الاستحقاق الأول صعود الخالد المنصة في جلسة أداءه اليمين الدستورية. وفي مساع لتهدئة الساحة، وجه أمير البلاد سمو الشيخ نواف الأحمد في ١٦ مارس ٢٠٢١ بسحب البلاغات المقدمة ضد النواب الحالين والسابقين منهم، إلا أن هذا الأمر لم ينزع فتيل الاستجواب الذي ظل قائما بمحور البلاغات.

وفيما استمر انشغال الساحة البرلمانية والسياسية بالاستجواب المقدم لرئيس الوزراء وجلسة إعلان بطلان عضوية د. الداهوم، وكان الصراع على أشده بين كلا المعسكرين، عادت قضية “العفو الشامل” الى الأضواء، ولكن على لسان رئيس المجلس الغانم الذي أعلن في ٢٥ مارس ٢٠٢١ عن جدول أعمال الجلسة القادمة لتضم بنود الأزمات الثلاث: قسم الحكومة واستجواب رئيس الوزراء والتصويت على العفو الشامل.

وكان النائب د. حسن جوهر أعلن قبل تصريح الرئيس الغانم أن “أمام رئيس الحكومة مهلة زمنية تنتهي مع جلسة القسم بتاريخ ٣٠ مارس لإدراج جميع القوانين التي تعهد بها علناً مع كتلة الـ ١٦ بدون استثناء وأي تلاعب بهذا الاتفاق سيواجه بتقديم استجواب لرئيس الوزراء في نفس الجلسة”.

شرط إدراج جميع القوانين المتفق عليها – على حد بيان جوهر – في جلسة واحدة كانت تعجيزية وغير قابلة للتحقق، فبعضها يشكل خلاف نيابي – نيابي مثل اقتراحات تعديل نظام الدوائر الانتخابية، وبعضها لم تنته اللجان من إعداد تقاريرها ورفعها الى المجلس. كان مؤكدا أن بيان كتلة الـ ١٦ مقدمة وتمهيد لحدث آخر، إذ أعلن أكثر من ٣٠ نائبا مقاطعتهم جلسة قسم الحكومة المقررة ٣٠ مارس ٢٠٢١ وعدم تمكين رئيس الوزراء والوزراء من أداء اليمين الدستورية وذلك قبل انعقادها بيومين، ولحقها تقديم النواب جوهر ومهند الساير ومهلهل المضف استجوابا جديدا لرئيس الوزراء ليلة جلسة القسم.

نيران غير صديقة

أصابت قرارات النواب “مجموعة تركيا” بنيران قاتلة، ولا يمكن اعتبارها بـ “الصديقة” بعد تفريط النواب بجلسة “العفو الشامل” بالتزامن مع تصعيد سياسي غير مبرر في هذه المرحلة، وكان بالإمكان تأجيل كل تلك التطورات لما بعد الجلسة، أو انتظار ما تسفر عنه الاتصالات للوصول الى عفو خاص.

انطفأت أضواء العفو الشامل والخاص بعد تقديم الاستجواب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وإعلان النواب مقاطعة الجلسة، الأمر الذي أربك الملف الذي كان يبحث الهدوء والاستقرار السياسي وعن كل صوت ممكن لإقرار القانون حتى وإن كان رده من قبل الحكومة قرار معروف سلفا.

نفذ النواب قرارهم، وحضروا الى مبنى مجلس الأمة دون الدخول الى قاعة عبدالله السالم حيث تعقد الجلسة، بيد أن النصاب – بحده الأدنى – كان حاضرا مما وفر للحكومة الغطاء لأداء اليمين الدستورية لتتجاوز الجلسة بندها الأول من جدول الأعمال، وأعلن الرئيس الغانم خلو مقعد الداهوم بهدوء دون تصويت واعتراض، وسقط تقرير اقتراحات العفو الشامل من حيث المبدأ، ووافق المجلس على طلب رئيس الوزراء تأجيل الاستجوابات المقدمة له أو المزمع تقديمها الى نهاية دور الانعقاد الثاني، وأقرت بعض القوانين .. ورفعت الجلسة.

عزل الغانم

تعامل النواب مع نتائج الجلسة باتجاهين مكملان لمسار التصعيد، الأول تقديم طلب بعزل رئيس مجلس الأمة، والثاني تقديم طلب بإلغاء قرار تأجيل الاستجوابات، ولم يكن لسقوط تقرير “العفو الشامل” محل من ردة الفعل النيابية، إذ تم تجاوز الحدث دون اعتبار الى أن الملف كان أول الأولويات، وهنا يمكن القول إن القضية دخلت في مرحلة الموت الإكلينيكي سياسيا وتشريعيا.

كانت الجلسة التالية المنعقدة في ١٣ أبريل ٢٠٢١ صاخبة بأحداثها، إذ سقط طلب ادراج طلب عزل رئيس مجلس الأمة على جدول الأعمال، وارتكب النواب المعترضين على تأجيل استجوابات رئيس الوزراء “المزمع تقديمها” خطأ سياسيا بتقديمهم طلب لإلغاء القرار السابق، وهو ما يعني ضمنيا إقرارهم بنتيجة التصويت، وأدركوا متأخرا جسامة الخطأ بتقديم الطلب الذي استغله رئيس المجلس مرزوق الغانم بعرضه على المجلس للتصويت عليه فورا، فحاولوا سحب الطلب إلا أن التصويت قد بدأ وانتهى الى اسقاطه، لتبدأ مرحلة جديدة من الصراع الحكومي النيابي، ولكن هذه المرة تحت عنوان “لا جلسة إلا برحيل الرئيسين”، وتعطلت الجلسات العامة نظرا لجلوس بعض النواب على مقاعد الحكومة، واعتراض الأخيرة على هذا الفعل واعتذارها عن حضور الجلسات.

يقول النائب السابق د. جمعان الحربش، وهو أحد المقيمين في تركيا، تعليقا على تعطيل الجلسات في تغريدة نشرها بحسابه بتاريخ ٢٧ أبريل ٢٠٢١ ” الأخوة نواب المعارضة الجلوس في مقاعد الوزراء احتجاج سياسي راقي لكنه يؤدي إلى نتائج في النظم الديموقراطية الحقيقة أما ديمقراطية الصوت الواحد وشطب الاستجوابات المزمع تقديمها ومنع انعقاد أي جلسة وبالتالي منع أي مساءلة فقد يكون هذا ما ينتظره الطرف الآخر”.

الخسارة الدستورية

الموقف السياسي الذي اتخذته الأغلبية النيابية من قبل أداء الحكومة القسم وما تلاها دفع ملف العفو الشامل ثمنه، إذ أغلق بابه الى بداية دور الانعقاد الثاني – وفق نص المادة ١٠٩ من الدستور – الذي يبدأ عادة نهاية شهر أكتوبر من كل عام، إضافة الى ذلك، فإن مناقشته في دور الانعقاد المقبل يعني إعادة تقديمه وإعداد تقرير جديد بشأنه، وفي حال رد الحكومة له – وفقا لسوابقها ومن الاستحالة نظريا الحصول على ثلثي أصوات المجلس لإقراره – فإن الموعد الجديد سيكون بداية في دور الانعقاد الثالث، أي أكتوبر ٢٠٢٣، وهو الإجراء المحدد في المادة ٦٦ من الدستور.

بهذه النهاية، أدركت “مجموعة تركيا” أنها فقدت سلاحها الشعبي “إعلاميا” وخسرت قضيتها “دستوريا” مرة أخرى – المحاولة الأولى كانت في الفصل التشريعي السابق – بل أن مجريات الأحداث وضع ملفهم بين سندان المكتسبات الرقابية ومطرقة العلاقة مع الحلفاء من النواب التي باتت شكلية، وهو ما أدى الى انقسام المجموعة الى فريق بزعامة مسلم البراك ود. جمعان الحربش ومبارك الوعلان، وآخر بقيادة د. فيصل المسلم.

انقسام مجموعة تركيا

رحل “العفو الشامل” عن المشهد السياسي والبرلماني، وانقسمت “مجموعة تركيا” فيما بينها، فضعفت أمام القيادة السياسية وفي مواجهة الحكومة ورئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم، إذ بات جليا أن التحالف مع النواب شبه انتهى، والتنسيق معهم لم يعد قائما، ولم يعد لهم دورا وتأثيرا في إدارة المعارك السياسية، ودلالة ذلك اعتراض الحربش “العلني” على تعطيل الجلسات، فخسروا أوراقهم التي كانت تمثل لهم الأساس في الضغط على القيادة السياسية والحكومة.

وتوقفت الاتصالات الحكومية مع “مجموعة تركيا” عبر القنوات الوزارية وغيرها لتخسر أيضا “العفو الخاص”، وعادت الى مربع شروطها الأول، تقديم كتاب اعتذار والعودة الى البلاد وتنفيذ الحكم ومن ثم صدور عفو خاص، وذلك أسوة بالإجراءات التي قام بها النائبان السابقان د. وليد الطبطبائي ود. فهد الخنة. فالقيادة السياسية والحكومة أدركتا أن “العفو الكريم” – وهو تعبير عن صدور عفو خاص دون اعتذار – لن يحقق الاستقرار السياسي ويعيد الهدوء بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لا سيما بعد التحول في الأولويات الى “رحيل الرئيسين”.

مكاسب النواب

في المقابل، حقق النواب الحلفاء في الكويت مكاسب شعبية باعتبارهم المعارضة الجديدة البديلة عن “مجموعة تركيا”، ونجحوا في التخلص من سلطة المجموعة عليهم بالمقارنة عما كانت عليه أثناء الحملات الانتخابية وما بعدها، وتبدل الحال، فبعد أن كانوا تحت رحمة “مجموعة تركيا”، أصبحت المجموعة تحت رحمتهم، وقيادة المشهد ورسم طبيعة العلاقة مع الحكومة بيدهم منفردين.

تغيرت قواعد اللعبة تماما، وأصبحت المواجهة بين الحكومة والنواب المعترضين على رئيسها ورئيس مجلس الأمة لا تمت لقضية العفو بصلة، وتلعب في إطار الدستور وخارجه، بسوابق قديمة وأخرى جديدة، وسط ذهول “مجموعة تركيا” من هذا التحول السياسي الذي أخرجهم من موقع الشريك الرئيسي في مواجهة الحكومة الى مجرد متابعين للمشهد من الخارج.

بدائل أخرى

بات على “مجموعة تركيا” أن تبحث عن بدائل أخرى بعيدا عن النواب لإعادة الحياة الى قضيتهم، وقد يكون الأنسب في هذه المرحلة هو فتح قناة اتصال مباشرة مع القيادة السياسية عبر الحكومة دون وجود طرف نيابي، ففي ظل هذه الظروف المعقدة قد تخلق عودتهم أجواء جديدة في الساحة السياسية والبرلمانية، وهذا قد يكون الإجابة على سؤال النائب السابق مبارك الوعلان “أين النواب؟”.

نسخة PDF: من الأضواء إلى العتمة .. العفو وأصحابه