دارك بولتكس للاستشارات السياسية > شؤون حكومية > “الشهادات المزورة” .. ما خلف الكواليس أكبر من الحكومة
وزير التربية ووزير التعليم العاليم د. حامد العازمي

“الشهادات المزورة” .. ما خلف الكواليس أكبر من الحكومة

ليس بالضرورة أن تجد الحكومة الكويتية في “الشهادات المزورة” ضالتها لترميم العلاقة مع الشارع العام، [inlinetweet]فما خلف كواليس الشهادات أكبر بكثير من قدرة الحكومة على التعامل معه، بل قد يكون هو الفخ الذي نصبته الحكومة لنفسها دون دراية[/inlinetweet].

 هناك طرفان في عملية التزوير، أو بالأحرى شريكان، [inlinetweet]فلا يمكن تحميل المواطن وحده وزر الجرم، فمن دفعه الى هذا السلوك القرارات الوزارية المتضاربة، والجامعات الوهمية المعتمدة[/inlinetweet]، والنظام الذي سمح له باستكمال دراسته وهو على رأس عمله، والفساد الإداري الذي مكنه من تصديق شهادته.

أما الطرف الآخر، فإن مسؤولية الحكومة البحث عنه، عن المستفيدين من اعتماد الجامعات الوهمية، أو كما يطلق عليها “دكاكين الشهادات”، لا سيما في الدول العربية والآسيوية وبعض الدول الأوروبية المنهارة اقتصاديا، ومن خلق شبكات معقدة داخل “التعليم العالي” يصعب تفكيكها، و[inlinetweet]ستصدم الحكومة بأسماء بارزة من الأسرة الحاكمة أو واجهات لهم، وقياديون بعضهم يتبوأ اليوم مناصب أعلى مما كانوا عليه سابقا[/inlinetweet].

خصوم أقوى

فهل الحكومة تملك الضوء الأخضر لاقتحام الدولة العميقة في “التعليم العالي”؟ هي [inlinetweet]اختارت الملف الصحيح إن كانت تريد الاعتذار للمواطنين عن سوء إدارتها لملف التعليم وسوء مخرجاته وتردي مؤسساته على مر السنين[/inlinetweet]، ولكنها [inlinetweet]وضعت نفسها في مواجهة مع خصوم أقوى منها سلطة وأكبر منها حظوة، مما قد يدفعها الى التعامل مع الملف بشدة إعلاميا وبنعومة داخليا[/inlinetweet].

الوصول الى هذا الاستنتاج لا يأتي من باب التحليل أو التفسير، بل من الشواهد السابقة، فالحادثة الحالية توأم شقيقتها التي وقعت في يوليو من العام الماضي، شهادات مزورة وتصريحات حكومية، وزخم اعلامي ودعم نيابي يرافقه تفاؤل شعبي، إلا أن كل تلك العوامل – المتكررة اليوم – لم تنجح في اقتحام أسوار المؤسسات التعليمية ولا أبواب وزارة التعليم العالي ومكاتبها الثقافية في الخارج.

[inlinetweet]الحواجز التي فرضت على الحكومة التراجع والانسحاب العام الماضي وما سبقها، لا تزال قائمة[/inlinetweet] مما يرجح أكثر احتمالات الهزيمة من الانتصار في معركة الشهادات المزورة.

الانتصار الإعلامي

لقد دخلت الحكومة في تعقيدات أكثر بعد نشوة “الانتصار الإعلامي” لوزارة التعليم العالي ووزيرها د. حامد العازمي، إذ [inlinetweet]أثار الزخم – كما يبدو – غيرة وزارات أخرى مما دفعها الى ركوب الموجة الحكومية لنيل رضى سمو رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك ومباركة بعض أعضاء مجلس الأمة، واعجاب المواطنين[/inlinetweet].

فقد أعلنت كلا من وزارة الصحة ووزارة الكهرباء والماء عن تشكيل لجان تحقيق لمراجعة شهادات موظفيهم من المواطنين والوافدين، وهذا الاندفاع غير المدروس وضع كافة العاملين في الوزارتين على قائمة الاتهام والتشكيك الى أن تثبت براءته.

علاوة على ذلك، [inlinetweet]ما هي القدرات الفنية التي تمكن الوزارتين من اتمام مهام التحقيق بكل اتقان وحيادية[/inlinetweet]، فمن الممكن أن يكون على هرم لجان التحقيق أو في عضويتها قيادي مزور أو مسؤول ذو شهادة وهمية! لقد ضربتُ مصداقية الجميع سلفا، وهو يلزم معه أن يكون التحقيق من خارج “الصحة” و”الكهرباء”.

بالإضافة، فإن القرار سيفتح بابا واسعا للضغط السياسي والتدخلات النيابية لاستثناء هذا وذاك، بل أن الخطورة بلجوء من تتهم شهادته بالتزوير الى القضاء والحصول على حكم بسلامتها! ستنسف حينها كافة أعمال اللجان ومصداقيتها بسبب قرار غير مدروس ولا محسوب المخاطر.

مستنقع فساد

[inlinetweet]الحكومة تقف اليوم بوسط مستنقع فساد، إن تقدمت فقد تغرق أكثر، وان تراجعت فقدت كل ما كسبته في الأيام الماضية[/inlinetweet]، وكانت العواقب وخيمة عليها نيابيا وشعبيا، وكارثيا على النظام التعليمي والوظيفي في الدولة.

مجلس الوزراء امام فرصة استثنائية، لا سيما وأن البرلمان في عطلته السنوية، لاتخاذ قرارات مصيرية في ملف “الشهادات المزورة والوهمية”، فإما الاصطفاف مع الإصلاح أو الخضوع مجددا للفساد.

نسخة PDF: “الشهادات المزورة” .. ما خلف الكواليس أكبر من الحكومة